في ذكرى حبيب الزيودي.. وفي قلبي قدرة على مواصلة التحدي

نور الدويري

في مثل هذا اليوم قضى حبيب الزيودي إلى حياة جديدة اسمها الآخرة، ذهب للقاء الله بخيره، وبشره، كان حبيب مواظبا عنيفا على حب الأردن، متشنجا فوق أوراقه البيضاء يبكي ويبتسم بالقلم، فتجري الدموع بخطوط الحروف فوق الورق، يكتب ترتيلات الوطن، يكتب في السياسية في الحب وفي الأمل.

حبيب كاسمه، حبيب أحب المرأة والأرض بشدة.

لم ألتق حبيب يوما لكنه بقي حاضرا في الذهن كناهض، وجريس، وهزاع، ووصفي، وحابس، والملك حسين – تركونا وما تركونا-، تظن أنهم أحياء كلما اشتد عليك الحزن وأنت مغمور بأسى الغربة في الوطن نفسه حينا، أو حينما ترتفع حرارة جسدك كلما ارتفع سعر أولوية ما بحياة قصيرة فانية تجري دون أن تعيرك أي اهتمام، فإما أن تلاحقها أو تبقى مكانك ساكنا تنتظر الآخرة.

تنحب على مصير جيبك المثقوب، على ضمير ما لاذ بالفرار، على صراعنا المستميت للنجاح، على خيبات الأمل كلما تشبثنا بالفرج، وعلى قدرتنا الفائقة أن نقف ونتحدى كل شيء، على حجم الصمت فينا، وكمية الإنفجار إذا غضبنا!!

حبيب يغرغر عيوني كأسلافه، كلما كنت وحدي أتحدث مع وحدي، أذكره وأذكر بعض الحاضرين اليوم، الذي أطوقهم بمتابعتي، أبحث عن الإصلاح في نبراتهم، عن حقوق زهيدة ليس لأنني راهبة بل لأنني لا أحب حجم التفاصيل الكبيرة، بل أحب التفاصيل الصغيرة فوقع أنسها في القلب أشد جمالا من تلك الكبيرة.

لا تهمني أيديولوجياتهم، ولا تلك النصائح السياسية عن أي موكب فكري يجب أن التحق به، كل ما يهمني أنني أحب هؤلاء بقدر حبي للوطن فما يجمعني بهم هو الوطن، أحب استقلالي أرفرف عاليا.

حبيب هوية وطنية راسخة كصوت جريس في يسعد صباحك، ومثل حابس لا أتخيل أنني أستطيع التنفس في حضرته فهو يلتهم أوكسجين الحديث كله…… كجسارة الحسين في أضيق مراحل الأردن السياسية كان هصورا.

الهوية الوطنية تلك التي يخشى عليها أبناء جلدتي، ويصك أبي على أسنانه كلما قلت له الجامعة ستحمي المستقبل، فيقول الصغيرة التي ربيتها كبرت فجأة وتهتم بالسياسة لها رأي كبير في الهوية الراسخة، فأرد عليه أنها راسخة ليوم الدين وإصلاحية حتى آخر نفس، وكل رصيد ما يسمحون وربما ما لا يسمحون ربما، فالوطن مثلث أحمر (هو، هو، هو) لكنني منطقية في الجمع والطرح والقسمة ولا أعرف العاطفة في ما يجب أن يكون متطلبا لمواجهة الحقيقية، سأترك العاطفة للهفة التي ضاعت في زحام الكذب، لا أريد البحث عنها أكثر فانا منشغلة بكمية الأفكار التي أريدها أن تولد كقصائد حبيب حين ولدت ثورته على الورق.

ذهب حبيب ولحقه الكثيرون وبقينا نحن اللاحقون نلاحق الحياة القصيرة.

أترككم مع اخر القصائد التي كتبها حبيب يصارع الأمر والنهي، والقلب والعقل، أمام وهج الوطن لم يستطع إلا أن يحبه ويكتب كل صفات معاناته ويخلد كل تفاصيله.

وداعا حبيب قد نلتقي بالآخرة مع كل من يثني عليهم قلبي الصغير، نتحدث عن الوطن أن سمحتم لي، ففي قلبي وجع، وأسى، وألف شكوى ومطلب واحد (ليحيى الوطن).





هلا اخبار عبر اخبار جوجل
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق