اليوم العالمي للمتاحف.. هوية الأردن الحضارية وعجلة التنمية

هلا أخبار – تحت شعار “قوة المتاحف”، يحتفل العالم في الثامن عشر من أيار من كل عام باليوم العالمي للمتاحف، الذي أقره المجلس الدولي للمتاحف بالاشتراك مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) منذ عام 1977.

ويتم التأكيد هذا العام على دور المتحف في تحقيق أهداف الاستدامة، وقدرته على التجديد والابتكار الرقمي، وتوفير فرص تعلم دائمة لبناء المجتمعات.

واستطلعت وكالة الأنباء الأردنية، آراء عدد من الأكاديميين والخبراء للوقوف على مسائل عديدة ترتبط بتطوير المتحف في الأردن، باعتباره مؤسسة ثقافية ذات رسالة تربوية تثقيفية وأهداف تنموية اقتصادية واجتماعية، والاكثر أهمية من ذلك تثبيت أركان الهوية التي تعبر عن تراث الأردنيين وحاضرهم ومستقبلهم.

التراث وبناء الهوية الوطنيةأستاذ النقوش السامية ولغات الشرق القديم الدكتور عمر الغول، أشار إلى أن قوة المتاحف تستند إلى مساهمتها ضمن المواقع التراثية التي أنشئت بجوارها بالإضافة إلى المرافق السياحية، حيث تشكل مجتمعة نقطة جذب لتطوير القطاعين السياحي والثقافي وخلق وظائف مباشرة للعاملين فيهما.

وأكد الغول الذي يشغل موقع مدير مكتبة الحسين بن طلال في جامعة اليرموك، أنه انطلاقا من قناعته بأن الثقافة مكون رئيس للهوية الوطنية، فإنه غير متحمس للتوجه نحو تسليع العمل الثقافي والتراث الثقافي، إذ تبقى القيمة الأساسية للمتحف في قصه أو سرده حكاية المكان ضمن إطار الرواية الوطنية، حيث يعود على المجتمع بفوائد جمة عبر استعراضه تاريخ الأردن في جميع العصور.

ولفت إلى أن “متحف الأردن” يعد متحفا ثريا جدا، لكن يجب أن نراعي فيه مسألتين مهمتين، الأولى تتعلق بإظهار الإنسان في بؤرة العرض المتحفي، وأن لا يتركز القص أو السرد التاريخي على المباني بشكل مجرد، بحيث يعرض البيت التراثي كجزء من تفاعل الإنسان الأردني مع بيئته وكذلك بالنسبة إلى معاصر الزيتون وغيرها من المعالم الحضارية، والثانية تتمثل بالاستمرارية وهي متصلة بالفكرة السابقة حين عاش الإنسان في هذه المنطقة وهو يحاول أن يتكيف مع البيئة ليؤمن عيشه ورفاهيته وتواصله مع الآخرين.

ودعا المتاحف أن لا تستمر في تقطيع السردية الأردنية وفق المنظور الغربي، الذي يفصل كل حقبة تاريخية عن أخرى، موضحا انه في الوقت الذي كان فيه سكان منطقة بلاد الشام متفاعلين مع جميع العصور القديمة والحديثة، وكانوا حاضرين ومؤثرين في جميعها، فالإنسان الأردني وريث كل العصور السابقة وامتداد لجميع أسلافه الذين عاشوا في المكان.

وختم الغول بالحديث عن أهمية مناقشة موضوع الهوية الوطنية وتشبيكه مع تاريخ المنطقة في سوريا وفلسطين ولبنان، بحيث يتم تدريس التراث الحضاري في المناهج التدريسية ليؤكد على التراكم الحضاري على الإنسان في المنطقة، وهو ما يسهم في درء أخطار التخندق الطائفي والمذهبي والوقوع في مصيدة التطرف والهويات الفرعية.

ثلاثة عشر ألف سنة من الحضارة الإنسانيةأما أستاذة العصور الحجرية القديمة في الجامعة الاردنية الدكتورة ميسون النهار، أكدت الحاجة لنشر ثقافة المتاحف في المجتمع، ورفع مستوى الوعي لدى طلبة المدارس والجامعات الأردنية بدورها الحيوي حيث لا يعلم جزء كبير منهم بوجودها، لافتة الى ان ذلك يتطلب وضع خطط للترويج الإعلامي للإضاءة على المقتنيات المهمة الموجودة في عدد منها مثل “متحف الآثار” و”متحف التراث الشعبي” في الجامعة الأردنية، على سبيل المثال.

ورأت أنه كان يمكن الاكتفاء في السابق بتشجيع الناس على زيارة المتاحف عبر وسائل الإعلام، وتنظيم دورات تدريبية في كل متحف تتناسب مع طبيعة معروضاته، وإقامة معارض متخصصة بشكل دوري، ولكن اليوم يجب العمل على ما هو أكثر من خلال التوجه إلى جيل الشباب عبر استخدام وسائط التواصل الاجتماعي من أجل إثارة انتباههم لأهمية المتحف وبناء جسر وصل بينهم وبينه.

وأوضحت النهار أن هناك ضرورة للتوعية بأهمية الآثار، وربطها بالانتماء إلى الوطن، وهو ما يستدعي عمل دراسة شاملة حول واقع المتاحف وبناء عليه عمل خطة لجذب الجمهور باهتماماته المختلفة، وعدم الاكتفاء بالمتحف كصالة عرض تقليدية، إذ يمكن أن يقدم المتحف معلومة وقصة عن كل قطعة معروضة بعدة لغات، وأن ترفق شاشات رقمية لعرض محتوياته وتاريخ حفرياتها ومعلومات أركيولوجية موثقة لربط المواطن بتراثه، وهذا يحتاج إلى تأهيل الكوادر الموجودة، وتطوير آليات العرض الموجودة.

كما نبهت الى أهمية تطوير الوعي بتراث الأردن والمنطقة من خلال تقديم مواد حوله في المناهج الدراسية منذ الصفوف الأولى وحتى الثانوية العامة تلم بأكثر من 13 ألف سنة من الاستقرار البشري في المكان، بحيث يتشكل لدى الطالب معرفة شاملة بجميع الحقب التاريخية التي مر فيها الأردن.

وأشارت النهار إلى مواقع أثرية عديدة تتطلب توفير حراسة وحماية دائمة لها مثل القلاع والقصور الصحراوية، والقيام بمزيد من التنقيب الأركيولوجي، وترميم العديد من المواقع التي تحتاج إلى تأهيل، واستملاك جميع الآثار التي تزال موجودة في أراض ملكية خاصة لعدد من المواطنين، والاطلاع على تجارب دول ناجحة لطرق عرض جديدة في المواقع الأثرية، وتجهيزها ببنية فنية ولوجستية متطورة، وزيادة الكوادر المؤهلة المشرفة، ما يعني رفع ميزانية دائرة الآثار العامة.

التوازن بين الحفاظ على التراث وبين الربحمن جهته استهل أستاذ حضارات المشرق العربي القديم في كلية الآثار والأنثروبولوجيا بجامعة اليرموك الدكتور هاني هياجنة، حديثه بالقول إن “المتحف عموما يهدف إلى حماية التراث والأعمال الفنية ذات القيمة التراثية”.

وبين الهياجنة، الخبير المعتمد لدى اليونسكو في حقل التراث الثقافي غير المادي، أن مصطلح التراث بدأ استخدامه منذ نحو ثلاثين عاما، إذ كان يستعمل مصطلح الآثار قبل ذلك، ليدخل في الأدبيات البحثية وأدبيات صون وحفظ التراث، ويشمل بذلك التراث المادي من آثار ومبان وأماكن دينية وتاريخية وتحف ومبان حربية ومدنية، والتراث غير المادي يما يحتويه من تقاليد وأشكال التعبير الشفهي، والممارسات الاجتماعية والطقوس والاحتفالات، والمهارات المرتبطة بالفنون الحرفية التقليدية، والتي يتواصل استخدامها حتى اليوم، وهو جانب مهم وضروري لصونه أيضا.

ولفت الهياجنة الى أنه لا يزال البعض يعتقد أن المتحف هو صالة عرض للقطع الأثرية المادية توضع في “فاترينات”، في الوقت الذي أصبح هناك فهم جديد لمفهوم التراث ولرسالة المتحف؛ إذ يهتم المتحف بإثراء هذا التراث والتعريف به في إطار ثقافي يتأقلم مع احتياجات المجتمع، وكجزء من العملية التربوية والتعلمية للمجتمع ويتلاءم مع التطور التكنولوجي ومع الفكر الشبابي لأن الشباب من يحملون التراث للمستقبل.

وقال إن للمتحف دورا كبيرا بتعزيز الهوية الثقافية للشباب وترسيخها ضمن جملة أهداف تنموية أخرى يضطلع بها المتحف كجزء من المنظومة الاقتصادية من أجل تحقيق عائد مادي يزيد من الدخل الوطني، مما يتطلب أن تعمل الدولة والجهات المعنية على استراتيجيات من شأنها تطوير المتحف وفق مفهوم نظري وذهني وتطوير بنيته وطريقة العرض والحفاظ على المقتنيات بما يرتقي إلى مستوى المصلحة العامة.

وأضاف أن الهدف السامي من وجود المتحف يتمثل بإيصال المعلومة للجميع وتحقيق العدالة في أحقية الجميع بالحصول على التربية والثقافة التي هي حق من حقوق الإنسان، وقد لا ندركه تماما، فالمتحف له دور كبير في رسم وتحديد العلاقة الوجدانية بين الناس وبين الموجودات المتحفية.

وأكد نحن “بحاجة إلى منظومة استراتيجية ومنظومة تخطيط متكاملة بحيث نجعل من المتحف قطبا مهما لتنمية ثقافية ذات جودة على المستويين المحلي والعالمي، وعليه يجب أن نبدأ من السنوات الأولى في المدرسة بغرض إثارة الوعي لحاجاتنا الروحانية في مجال الثقافة وتنمية حساسية التذوق الوجداني والجمالي وتطويرها”.

وأكد هياجنة أهمية تدريب الطلاب على رسم هذه العلاقة مع التراث، وتنمية المتحف ليكون مقصدا للاستمتاع من حديقته إلى داخله، ومن خلال طريقة العرض تمنح شعورا بأننا نعيش داخل كل الحضارات التي تعرض آثارها، وكذلك العمل على فعاليات وأنشطة لإيصال رسائل المتحف وربط موجوداته مع المجتمع المحلي، الذي يستطع إعطاء معلومات وافية عنه لأنه يمتلك علاقة وجدانية مع مكوناته.

واعتبر أن المتحف ليس مخزنا للقطع الأثرية بل هو مخصص لجميع مجالات المجتمع والمعرفة، بحيث يمكن إنشاء متاحف للحياة الزراعية أو للتصوير الفوتوغرافي أو للطوابع ولكل ما أنتجه الإنسان من تراث مادي وغير مادي، داعيا إلى إنشاء متاحف في الأردن للمجتمعات البدوية والحضرية والريفية للوقوف على تاريخها بعد أن اختفت الحدود والفواصل بين هذه المجتمعات في الوقت الحاضر.

وبين مفارقة تكمن بأن الطالب الأردني قد يعرف تراثه قبل سبعة آلاف سنة، لكنه لا يمتلك معرفة عميقة حول تراثه قبل سبعين عاما أو قرن، داعيا الى إعادة رسم هذه العلاقة مع التراث القريب بأنشطة متحفية تزيد من التوعية لدى الجمهور، ومن خلال استراتيجية وطنية لا تقوم عليها فقط وزارة السياحة والآثار بل بالشراكة مع جميع القطاعات الرسمية والمجتمع المحلي، ولا تهدف فقط إلى تقديم سرد تاريخي، إنما تؤكد على أن من صنع التراث كانوا أجدادنا في الأردن وبلاد الشام، في جميع العصور سواء النبطية واليونانية والرومانية والعربية والإسلامية.

وطالب الهياجنة المتاحف، بإقامة دورات تدريبية ليس فقط للمتخصصين في الآثار إنما لجميع أبناء المجتمع، للاستفادة من كنوز متحفية مهمة يمكن أن تشكل مصدرا للدخل الوطني عبر تحقيق عوائد مادية، وإيجاد شراكات مع القطاع الخاص دون أن يكون فيها نوع من التسليع في إطار الصناعات الثقافية والإبداعية، عبر تأكيد نوع من التوازن بين الحفاظ على التراث الوطني بشكل عام والترويج له وتقديمه لأغراض الدراسة والبحث وبين الربح.

كما طالب أن نظهر للعالم كيف أسهمت هذه المنطقة في بلاد الشام والجزيرة العربية بالإبداع البشري على مر التاريخ، والرد على القائلين أنها كانت منطقة خواء حضاري، خاصة في ما تظهره المكتشفات الأثرية الجديدة في مواقع مختلفة في بادية المشرق العربي، وكيف كان سكانها على دراية في القراءة والكتابة ولديهم معرفة واسعة وليسوا أميين.

ودعا أيضا إلى توسيع دائرة انتشار المتاحف وان لا تكون فقط في العاصمة والمدن الكبرى، حيث يمكن تأسيسها في القرى حتى لو كانت على مستوى ضيق مما يفتح مجالا للعمل أمام المتخصصين في الآثار، وإيجاد آليات لتشجيع زيارة المتاحف من قبل الأفراد والعائلات، لافتا إلى الحاجة لتدخل علماء الاجتماع والتربويين ومنظمات المجتمع المدني لإنجاح ذلك.

وأكد ان زيادة الدعم الرسمي للمتحف وتعزيز وسائل الواقع الافتراضي الذي يمنح رؤية محتوياته عبر الإنترنت بتقنيات ثلاثية الأبعاد، قابل للتحقيق مع وجود الكفاءات العلمية وتوفر الانتماء لدى أصحابها.

كما دعا لاستثمار التنوع المجتمعي والثقافي في هذه العملية التنموية، وإبراز تراث هذه الجماعات والمكونات الاجتماعية المختلفة في متاحفنا ليعكس صورة جيدة عن الأردن ووئامه الاجتماعي والوطني في لوحة فسيفسائية زاهية والحفاظ عليها.

ما المطلوب لتطوير رؤية المتحف وأدواره؟أشارت الباحثة والمتخصصة في اللغات السامية الشمالية الغربية الآرامية والكنعانية الدكتورة إخلاص القنانوة، ، إلى أن المتاحف تبدو في كثير من الأحيان كأماكن تتجمع فيها مقتنيات للعرض، وتنبثق رؤية المتحف بشكل عام من حيازة وتوثيق وحماية وحفظ وعرض التاريخ المادي والحضاري الذي يعكس “سردية” تاريخية أو حضارية ما خلال فترة زمنية بعينها.

وقالت إنه “خلال العقود القليلة الماضية نشأ فهم جديد لرؤية المتحف تتمثل في جعل التراث التاريخي والحضاري المعروض في المتاحف بل والترويج له كجزء من البحث العلمي الرصين؛ فباتت المتاحف مراكز اجتماعية وثقافية واقتصادية نابضة بالحياة، واصبحت المتاحف مصدرا معرفيا أساسيا للعلماء والمؤرخين والمعلمين وهواة التاريخ، فتوسع دور المتحف من قاعات للعرض إلى مؤسسة تعنى بالحفاظ على المقتنيات والوثائق المهمة وفهرستها بغية استخدامها في توفير برامج تعليمية وثقافية للجمهور”.

واعتبرت القنانوة أن ثمة عناوين أساسية في الرؤية المستقبلية التي قد تسهم في تطوير المفاهيم الأولية للمتحف وتوسيع أدواره في الأردن والعالم العربي عامة، والاول منها يتمثل بالتعلم من الماضي بحيث توفر المتاحف وصالات العرض نظرة ثاقبة لتاريخ البشرية.

وبينت انه “على الرغم من انه لا يوجد متحف يمكنه الادعاء بتقديم صورة كاملة، إلا أن الدروس التي يمكن أن نتعلمها من الماضي لا تقدر بثمن، وفي زمننا هذا الذي يغص بالاضطرابات التي لا يمكن غض الطرف عنها تبدو المتاحف من أنسب المؤسسات التي تعمل على إيجاد أرضية مشتركة تسهم في تعلم بناء الجسور بدلا من الانقسام”.

وأشارت الى أن المتاحف تمنحنا منظورا واسعا ومساحة شاسعة للتعلم مما كان والبناء عليه؛ إذ يمكن لها أن تساعد الأفراد والجماعات على الاحتفاء بالعناصر الحضارية التي ينتمون إليها، وتسهم في نشر ثقافة احترام الآخر الذي ينتمي إلى عناصر ثقافية وحضارية مختلفة؛ إذ ليس أفضل من المتاحف كمؤسسات تنشر المعرفة والفهم في مواجهة ومحاربة الكراهية والجهل.
واوضحت أن المتاحف التي تسهم بالتقريب بين المجتمعات، وهو ما يمثل العنوان الثاني، تمتلك القدرة على خلق الوحدة على المستويين الاجتماعي والثقافي للمجتمعات، وكذلك على المستوى الحضاري الأشمل؛ لافتة الى أنها يمكن أن تلعب دورا بتوفير إحساس بالمجتمع والمكان من خلال الاحتفاء بالتراث الجمعي، مما يوفر طريقة رائعة للتعرف على تاريخ منطقة بعينها، للانطلاق منها نحو معرفة بالتاريخ والتراث الإنسانيين بصورة أوسع، لاسيما أن التراث الإنساني تراث يعاد إنتاجه وتصديره مرارا وتكرارا.

وترى القنانوة، انه يمكن للمتاحف جمع الناس معا بصورة مباشرة من خلال المعارض وورش العمل والمحاضرات بالتعاون مع الجمعيات الخيرية والمدارس ومراكز الفنون الإبداعية والشبابية.

وقالت ان العنوان الثالث يتلخص بـ”الرقمنة والابتكار والتفاعل”، مؤكدة أنه وبفضل التطور التكنولوجي على مدى العقدين الماضيين، أصبح معنى أن تكون متحفا موضع تساؤل وتحد؛ إذ عملت التقنيات الحديثة وما زالت تعمل، على تحويل المتاحف من فضاءات للبحث والتعلم إلى مساحات للتفاعل والمشاركة، حيث أصبح الحصول على معلومات إضافية عن منحوتات أو قطع أثرية أو لوحات معينة متاحا من خلال عمليات الرقمنة في غير قليل من المتاحف التي تنطلق رؤاها من زيادة مساحات التفاعل بين المعروضات والزوار من خلال برامج تقنية تعليمية.

وتابعت، ان المتاحف تعمل على توفير أوصاف تفصيلية وتصوير فوتوغرافي عالي الجودة للمعروضات، كما تسهم التقانة الحديثة في زيادة متوسط الوقت الذي يقضيه الزوار في التعامل مع مقتنيات المتاحف التعرف إليها والتفاعل معها، مشيرة إلى تجربة “التصوير بالأشعة السينية” لمومياء قديمة، وتجربة الاستكشاف الداخلي والخارجي لها، جاعلا الجمهور جزءا من هذه التجربة الرائعة.
وبينت أن التقدم التقني أسهم في جعل التعرف على المتاحف أسهل من أي وقت مضى؛ فبات مألوفا أن تشارك المتاحف وصالات العرض مجموعاتها بشكل متزايد عبر الإنترنت، وأصبح الواقع الافتراضي والأدلة الإرشادية الرقمية والتنزيلات والتطبيقات متاحة بشكل كبير للمهتمين، مما يسهم بالوصول اليها لأهميتها المعرفية والتعليمية من خلال عدد أكبر من الناس.

ودعت القنانوة، إلى ضرورة تثقيف الأجيال القادمة، إذ أنه عند الحديث عن المستقبل، لا بد أن يكون للمتاحف، كما هي الحال مع المؤسسات الثقافية الأخرى دورا تلعبه دائما في تعليم تلك الأجيال، كالمعارض التي تستهدف الأطفال، وتعليمهم في بيئة شبه صفية. وقالت إنه في الوقت الذي تقوم المؤسسات في جميع أنحاء العالم بدورها في نقل المعرفة، فعلى متاحفنا أن تقوم بهذا الدور أيضا، إذ لا تستطيع متاحفنا إحياء التاريخ فحسب، بل يمكنها كذلك تسليط الضوء على كل من حاضرنا ومستقبلنا، وهو ضوء يصعب العثور عليه في مكان آخر.

ألفة بين الناس ومقتنيات المتحفمن جانبها، أكدت أستاذة إدارة المصادر التراثية وصيانتها في الجامعة الاردنية الدكتور فاطمة مرعي، أن طرق العرض في بعض المتاحف الأردنية تعد تقليدية لعوامل تتعلق بضيق المساحة المخصصة كما في متحف جبل القلعة، داعية للعمل على تطويرها من أجل جذب الناس إليها.

وقالت إن هذا الامر لا يلغي الجهود الكبيرة التي تم بذلها في برامج توعية موجهة للطلبة والمجتمع المحلي والسياح من خلالها، مشيرة إلى أن انتشار فيروس كورونا أثر كثيرا على هذه الأنشطة لكنها بدأت تعود من جديد.

ودعت إلى العمل على زيادة الطرق التفاعلية بين المعروضات وبين الزوار بما تتناسب مع جميع الفئات العمرية وجميع شرائح المجتمع على اختلاف مستويات تعليمهم، ولتقديم معلومات أكثر عبر تنظيم فعاليات متخصصة من شأنها أن تخلق ألفة بين الناس ومقتنيات المتحف.

وأشارت إلى أهمية أن يكون المتحف مركزا ثقافيا واجتماعيا في الوقت نفسه، حيث تتوفر فيه حديقة ومقهى ومكتبات ومحلات لبيع القطع التذكارية إلى جانب صالات عرض، مع إقامة أنشطة ترفيهية من مهرجانات ومعارض ومسرحيات للأطفال، يتيح للعائلات قضاء يوم كامل في المتحف.

وأضافت أن المتحف غالبا في الأردن يرتبط بالآثار، مع وجود متاحف قليلة في مجالات معرفية وحياتية أخرى، كما أن هناك حاجة إلى تأهيل المعلمين من خلال ورش عمل يمكنها ربط المتحف بالعملية التعليمية والمناهج الدراسية من أجل أن تتنقل المعرفة إلى الطلبة عبر تخصيص زيارات منتظمة لهم إلى المتاحف.






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق