موازنة 2022.. أبعاد باتجاهين

سلامة الدرعاوي

مشروع قانون موازنة 2022 يتضمن الكثير من الأبعاد التي تحمل في مضمونها مؤشرات سلبيّة واقتصاديّة معاً، وهي تقع ضمن الوصف التقليدي في إعدادها وإخراجها.
فعدم فرض ضرائب جديدة العام المقبل هو استمرار لتعهد وزير الماليّة بعدم اللجوء لمثل هذا الإجراء الذي تعهد به قبل عامين ونفذه بنجاح، معتمداً بشكل كبير على الإصلاحات الضريبيّة التي استطاعت أن تنمو بنسب غير مسبوقة عوضت كُلّ التراجع الماليّ الذي أصاب باقي مؤشرات الميزانية في عام 2021، لذلك رفعت الحكومة تقديرها للإيرادات الضريبيّة في العام المقبل بنسبة تزيد على 10.7 %، وهو ما سيؤدي إلى تعزيز مبتدأ الاعتماد على الذات من خلال رفع تغطية الإيرادات المحليّة للنفقات الجارية لتصل إلى 88 % في سنة 2022.
زيادة الإنفاق الرأسمالي بنسبة 43 % مؤشر إيجابي أيضا إذا كانت المشاريع المدرجة في الموازنة ذات قيمة مضافة وليست شكلا من أشكال النفقات التشغيليّة كما جرت العادة في السنوات الماضية، فوجود مخصص مالي للنفقات الرأسمالية بقيمة 1.551 مليار دينار يستوجب أن يكون ذلك دافعا لمعدّلات نموّ أكبر مما قدرت في الموازنة والبالغة
2.7 %، وهذا يتطلب تمحيصاً دقيقا لطبيعة ونوعية المشاريع المدرجة في هذا البند.
خفض مدفوعات الدين العام بقيمة 24 مليون دينار لأول مرة منذ عقود أيضا مؤشر إيجابي يجب أن يستمر العمل به ضمن إستراتيجية واضحة لمعالجة المديونية والتصدي لها، لأن الوجه الآخر في هذا الموضوع مقلق وسلبي للغاية خاصة مع تقديرات الموازنة بارتفاع الدين العام إلى 38.819 مليار دينار أو ما نسبته 114.7 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسب مقلقة بكل المعايير الاقتصاديّة، ويعتبر الوضع غير آمن على الإطلاق في حال عدم التصدي له.
عدم وجود زيادة في الرواتب خارج إطار الزيادة السنوية لا يتناسب مع معدلات التضخم المقدرة في الموازنة والبالغة نسبتها 2.5 %، مما يؤشر إلى ضغوطات معيشية قادمة بالنسبة للمواطنين، مصاحبا لعدم التعيينات ضمن إطار ضبط النفقات وإصلاح الجهاز الإداري، مؤشر سلبي من ناحية عدم قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل جديدة للخريجين، مما يعني أن معدّلات البطالة ستحافظ على مستوياتها إن لم تزداد.
لكن الوجه القاتم في مشروع قانون الموازنة العامة للعام المقبل يأتي في بند العجز الماليّ الذي قدر بحوالي 1.756 مليار دينار، أو ما نسبته 5.2 % من الناتج المحلي الإجمالي بعد المنح، وهو رقم كبير مقارنة عما كان عليه العجز قبل كورونا في عام 2019، ونتفهم جيدا نموه العام الماضي ومضاعفته عما نقدره، لكن أن يبقى على ذلك المستوى خلال سنة 2022 فالأمر يحتاج إلى وقفة مراجعة وتقييم.
شكل الموازنة العامة ومؤشراتها وأبعادها يجب أن تعود إلى ما كانت عليه قبل كورونا، بمعنى أن يعود شكل الإنفاق وحجمه إلى ذلك الوقت مع تخصيص مبلغ واضح ودقيق للمجهود الصحي والرعاية الاجتماعيّة فقط لا غير، وتخصص هذه المبالغ لغايات محددة ونعود إلى الوضع الماليّ السابق بعجزه ونفقاته وإيراداته.

الغد






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق