تنويع الأسواق والسلع التصديرية.. هل فلحنا؟!

د. عدلي قندح

نسمع ونقرأ منذ سنوات، لا بل عقود خلت، ومن مختلف الأطراف في الأردن بضرورة تنويع صادراتنا وأسواقنا التصديرية؛ فهل فلحنا في ذلك؟!

تشير البيانات والمعلومات المتوافرة إلى أن السلع التصديرية وإن كانت قد وصلت إلى أكثر من 140 دولة، إلا أن 80 بالمئة من الصادرات تتركز في 14 دولة فقط، وتستحوذ 13 سلعة على حوالي 61 بالمئة من إجمالي الصادرات.

وهذا من شأنه أن يزيد من مخاطر الانكشاف على هذه الأسواق من حيث ارتفاع المخاطر السياسية والاقتصادية والمالية في حال حدوث أزمات وهزات في تلك الدول.

إذ نستطيع القول أن هناك فشل في إحداث تغيير واختراق ملموس في مسألة تنويع الصادرات وتنويع وتوسيع الأسواق التصديرية ولو بشكل بسيط.

فمن المسؤول عن هذا التقصير، وما هي آثاره السلبية على الاقتصاد؟!

قاعدة المسؤولية ليست واسعة، لكنها محصورة في إطار رسم السياسات وصنع القرارات وعلى أرض الواقع في قطاع الأعمال.

فقد فشلت الحكومات السابقة كافة بعامة، وفشل كل وزراء الصناعة والتجارة بخاصة، ولغياب يد المساعدة اللازمة من الجهات المعنية الرسمية والخاصة، فشلت معظم قطاعات الأعمال، وبخاصة الصغيرة والمتوسطة، طوال العقود الماضية، في الوصول إلى الأسواق التصديرية الخارجية.

وهذا مبرر كافٍ لنقول كفى تكبيد اقتصادنا خسارة تلو الأخرى.

فاقتصادنا الوطني بحاجة لتنويع الأسواق وتنويع السلع التصديرية لأن في ذلك منافع كثيرة ليس للصناعيين ولقطاع الصناعة فقط، ولكن على مستوى الاقتصاد الكلي نظرا للتشبيك الذي تتصف به القطاعات التصديرية مع باقي القطاعات.

فهنالك اتفاق عام على المستوى العالمي بين مختلف الأطراف على أن تنويع الصادرات السلعية وتنويع الأسواق يعني وجود هيكل إنتاج أكثر تنوعا، وزيادة تنافسية الاقتصاد، وتحسين بيئة الأعمال، وتحسين الترتيب الائتماني للدول، وزيادة وصول الاقتصاد للتمويل، وزيادة في الطلب على الائتمان، وحركة في السيولة في الاقتصاد، وزيادة في النشاط الاقتصادي، ورفع معدلات النمو الاقتصادي.

وهذا يعني تشغيلا أكبر، وتخفيض في معدلات البطالة، ويترجم على شكل تنويع مصادر الدخل للاقتصاد بالعملات الصعبة، وزيادة في الاحتياطيات الأجنبية، وقدرة أكبر للدفاع عن سعر الصرف، وتغطية أكبر للمستوردات وخاصة الضرورية منها، وتقليل مخاطر الانكشاف على عدد محدود من السلع والقطاعات الاقتصادية والاسواق.

بالمقابل، فإن تركز الصادرات في سلع محدودة يعني تراجع معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع في معدلات البطالة، وخاصة في حالة حدوث أزمات أو صدمات اقتصادية أو مالية أو أمنية في هذه الأسواق أو تلك المجاورة لها، ولنا تجارب مريرة في كيفية مساهمة تراجع الصادرات في تراجع معدلات النمو الاقتصادي عبر السنوات.

ولكي نتمكن من تنويع الصادرات والأسواق التصديرية، نحتاج من بين عدة عناصر إلى ما يلي: أولاً: وضع استراتيجية صناعية وتجارية لتحفيز التصدير وتنويع السلع التصديرية.

ثانيا: عمل مسح شامل للقطاعات الإنتاجية الصناعية بمختلف تنوعاتها للوقوف على مدى إمكانية إحداث نقلات نوعية في المنتجات والسلع التي تنتجها هذه القطاعات لجعلها قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية، وكل ذلك يتطلب وضع مواصفات ومعايير عالمية لمختلف أنواع المنتجات والسلع المصنعة في الاقتصاد الوطني والراغبة في الوصول للأسواق العالمية.

وهذا يتطلب نشر الوعي والتدريب وتقديم المساعدات الفنية والمالية للمشاريع والقطاعات ذات الاحتمالية التصديرية العالية كل بحسب حاجته.

علاوة على ذلك، هناك حاجة ماسة لإنشاء منصات تسويق الكترونية مملوكة من القطاع الخاص واسعة وحديثة، أسوة بمنصة علي بابا الصينية، للتعريف بالمنتجات الأردنية التي حققت المتطلبات الفنية والتقنية العالمية التصديرية لتقديمها للاسواق العالمية بصورة ملائمة.

وهذا يتطلب تعاون القطاع الصناعي الخاص والصناعيين والتجار لانه يصب في مصالح اعمالهم. كما ويتطلب من القطاع المالي توفير منتجات وخدمات ائتمانية حديثة لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، وأيضا يتطلب من الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات الأعمال الريادية توفير الدعم والمساندة اللازمة للمنتجين المحليين، وبخاصة الصغار منهم، لتمكينهم من الوصول إلى الأسواق العالمية من أوسع أبوابها.

ونحن نعلم أن بعض الصناعيين الرياديين يقدمون العون والمساعدة للمنتجين الصغار لتمكينهم من الوصول إلى الأسواق العالمية المتقدمة دون مقابل.

ومن الحكمة أن ينصب التركيز على السلع والمنتجات الأردنية التي تتوافر فيها ميزة تنافسية كبيرة وخاصة في الأسواق العالمية التقليدية وغير التقليدية.

الرأي






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق