عشية “مناقشات النواب” .. مسلفو الثقة يتوعدون وحاجبوها مترددون (تحليل)

هلا أخبار – وائل الجرايشة – قبيل ساعات من بدء مناقشات مجلس النواب حول البيان الوزاري لحكومة عمر الرزاز يُمكن تلمس مشهد لافت قلما يحصل في الأجواء الحكومية النيابية، على الأقل في السنوات الأخيرة.
التوعدُ بحجب الثقة والتمنع عن لقاء الرئيس والترنح في إعطاء موقف واضح حول الثقة أو حجبها عن حكومة الرزاز يصدر عن الأوساط النيابية التي عُرف عنها “تسليفها” الثقة لأي حكومة في السنوات القريبة الماضية.
أما على صعيد النواب الذين يتمترسون خلف “خانة” الحجب الدائم أو في الغالب أحياناً، فإنهم يُظهرون مرونة في موقفهم ويقفون مترددين في إعلان الحجب حتى اللحظة كما كان يفعل بعضهم سابقاً.
ينسحب هذا الأمر على كتلة الإصلاح النيابية التي تمثل الذراع النيابية لحزب جبهة العمل الإسلامي والتي لم تحسم موقفها بعد وربما تمنح الحكومة الثقة أو في أسوأ الأحوال قد تعوّم التصويت لأعضائها وفق تسريبات أولية تفيدها مصادر مقربة منها.
الرئيس الرزاز ليس معنياً بثقة عالية وهو يستغرق في التفكير للحصول على ثقة مريحة وليست عالية ولا “تحرقه” في الشارع، فالرجل يدرك تماماً أن الحصول على ثقة مرتفعة من مجلس النواب الحالي قد تهوي بالطرفين وهو ما لا يتمنى حصوله.
الرزاز الذي أجرى حوارات موسعة مع الكتل النيابية الأسبوع الماضي لا يطمح بفيض من “الثقة” بل يريدها “ثقة وازنة” تسجل له لا عليه بالنظر إلى قائمة الاسماء التي ستمنحه صوتها، حيث يركز على هذا الجانب أكثر من تركيزه على عدد الأصوات التي سيتحصل عليها.
بعض الأصوات النيابية “المشاغبة” التي تنتقد بحدة بالغة وبشدة رفعت من أسهم الرزاز نفسه بين طائفة من النواب وحتى عند الشارع الذي يرى أن الهجوم عليه من قبل نواب بعينهم يعني أن الرئيس يسير في الإتجاه الصحيح، وهو ما لا يدركه هؤلاء النواب المهاجمون.
الرزاز لا يطرح نفسه كـ “ساحر” وأكد خلال حواراته مع النواب على أن تسوية الملف الضريبي لن يتم تصويبه بـ “كبسة زر”، وقد طلب من النواب أن يمهلوه فترة الـ 100 يوم للحكم على آدائه وفريقه الوزاري.
ترك الرزاز خلال الحوارات مع النواب الباب موارباً من ناحية التعديل الوزاري، وأبلغهم بأن هذا الخيار ليس مستبعداً وقد طرح هذه الورقة في سبيل مساعدة بعض النواب للتراجع عن مواقفهم التي سبق وأعلنوها ضد الحكومة.
هذه “الصنارة” التي رماها الرئيس في الشباك النيابية تهدف إلى تهدئة النواب ومن خلفهم الشارع، ساعياً بذلك إلى “تضميد” جراح تشكيلته الوزارية التي تسببت بـ “نزيف” بالغ من رصيده الذي كان مرتفعاً بعد تكليفه بتشكيل الحكومة.
لا يوجد ملف بعينه يمكن تقريع الرزاز على أساسه بيد أنه إذا عبر الرئيس الثقة فإن الإشتباك قد يتسع وترتفع حدته نظراً للقضايا الساخنة التي يتوقع أن تقوم الحكومة بفتحها في المرحلة المقبلة.
ومع تأكيد نواب ومراقبين على أن الرزاز لم يأتِ بجديد عن حكومات سابقة، إلا أن الرئيس يصرّ على منحه الوقت الكافي للحكم على وزارته من ناحية النهج، ملوحاً بيده بمشروع “العقد الإجتماعي الجديد” الذي لا يزال مفهوماً غاضماً مطاطياً بحاجة إلى “تفكيك”.