مجلس النواب حاول الخروج بأقل الخسائر من “الثقة”

هلا أخبار – وائل الجرايشة – افلحت الجهود في كبح جماح الاندفاع في منح الثقة لحكومة هاني الملقي الثانية حتى حصلت على 84 صوتاً.

التوقعات كانت تصب في صالح ثقة مرتفعة جداً والتساؤلات التي كانت تطرح “اذا ما وضعنا كتلة الاصلاح جانباً، فمن سيحجب الثقة؟”، حيث يبدأ العد التنازلي بعدها بصعوبة حول من سيحجب من بين الـ 115 نائباً المتبقين.

انتاب شعور لدى نخب برلمانية وبعض القيادات السياسية بأن ثقة عالية “ستقصم” ظهر المجلس وتنقله في أول ظهور له إلى مجال “التندر” ووصفه ب”الهزيل”، وكان التفكير بأن الخروج بأقل الخسائر يكمن في توسيع نطاق حجب الثقة قدر المستطاع.

من هنا يمكن تفسير حالة الحجب غير المتوقعة عند البعض وامتناع اربع سيدات بينهن عضوات في كتل ليس في بالِها المواجهة مع الحكومة أو لي ذراعها في مستهل العلاقة بين الطرفين.

اذن تصويت الحجب والامتناع جاء من أجل الصالح العام كما يرى البعض، وهو ما اشار إليه مراقبون وتطرقت إليه “هلا اخبار” في تقرير سابق وذهبت أدوات نافذة في البرلمان نحو تحقيق هذا السيناريو بطريقة أو بأخرى.

ومما ساهم في تشكيل الانطباع الذي ساد قبل التصويت وكان أقرب للحقيقة باتجاه حصول الحكومة على ثقة أكثر من “مريحة” عدم وجود خصومة مسبقة بين الحكومة وأعضاء مجلس النواب فكلاهما يدخلان ب”صفحة بيضاء” الى الساحة السياسية، فضلاً عن الدور الذي لعبه في الملقي في التواصل المكثف مع النواب.

ما يعزز هذه النظرية، تلك الأجواء الإيجابية التي غلفت المشهد العام، فحتى النائب “العنيد” عبد الكريم الدغمي تجنّب القاء كلمته خلال مداولات الثقة برغم تسجيله مبدئياً، حيث أن التسريبات كان تفيد بمنحه الثقة للحكومة.

الدغمي الذي كان من أشد خصوم الحكومة السابقة والمناوئين لها تحت قبة البرلمان وجد وبحنكته السياسية وخبرته الطويلة الابتعاد عن منصة الخطابة لئلا تطاردته الانتقادات حيث إن كلمته لن تكون ذات سقف منخفض لو تحدث.

ومن خلال العودة الى التصويت على الثقة يمكن ملاحظة حجب نواب الثقة عن الحكومة من أعضاء غير محسوبين على أي تيار معارض بل هنالك نواب سابقون دأبوا على منح الثقة للحكومات.

رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة الذي صوّت لمنح الثقة لحكومة عبد الله النسور في مجلس النواب السابق (السابع عشر)، آثر و”بتراكم الخبرة” عدم التصويت، في مسعى منه لخلق توازن مبكر في العلاقة بين قيادات السلطتين.

وبرغم حجب الاسلاميين للثقة إلا أنهم حاولوا التأسيس لعلاقة جيدة مع الملقي من خلال قراءة الخطب التي القيت، ولا يمكن التوقف عند بعض الملاحظات الحادة التي أبرزها نواب الكتلة فيما يتعلق بالغاز والمناهج بل كان انتقادهم أكثر حدةً حول منع فعالية لحزب جبهة العمل الاسلامي في الكرك.

كلمات النواب الاسلاميين تؤسس لأرضية علاقة مرنة مع حكومة الملقي، فلم تكن خطابات النواب الاسلامين خشنة لدرجة تزعج الرئيس أو تجعلهم في خانة الخصوم المبكرين لسياساته.

فعلياً فإن النواب الذين لم يمنحوا الثقة لحكومة الملقي (46) نائباً، بينهم (40) قد حجبوا الثقة بشكل مباشر و(4) امتنعوا وهو بمثابة حجب فعلي بعد التعديلات الدستورية (2011) حيث أن الامتناع ليس في صالح الثقة لو اقترب التصويت من الاغلبية المطلقة، فيما لم يصوت الرئيس وغاب النائب خالد البكار.

وبرغم التعليقات الناقدة لشريحة من المواطنين لمنح الثقة للحكومة إلا أن المجلس تجنب هجوماً اوسع لو حصلت وزارة الملقي على رقم أكبر من المانحين.

خرج الرئيس الملقي بثقة مناسبة برغم طموحه ومساعيه لثقة اعلى، وانهى مجلس النواب مارثون الثقة بأقل الخسائر وتجنب الى حد ما السقوط مع اول اختبار حقيقي بين الطرفين، وهو الأمر الذي كان في ذهن نواب ارادوا أن يحموا أنفسهم حينما رددوا بأن الثقة “ليست شيكاً على بياض”.

مناقشات الثقة التي استغرقت (9) جلسات فتحت الباب واسعاً لبدء تقييم مجلس النواب الذي ترك انطباعات غير ايجابية بسبب بعض التصرفات من قبل نواب وكلماتهم ومواقفهم التي خلقت انطباع “ضعف الخبرة” عندهم مع الاعتراف ببروز نواب أقوياء لاقت كلماتهم ترحيباً واسعاً، وكل ذلك بإنتظار رسم المجلس لصورته في المرحلة المقبلة واستيعابه لمدى حجم الرقابة الشعبية الواسعة على آدائهم.






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق